حسن طارق: مُؤسسة وسيط المملكة ستظل مُنفتحة على المُجتمع المدني

قال حسن طارق وسيط المملكة المغربية؛  أن مؤسسة وسيط المملكة ستظل مُنفتحة على المجتمع المدني، بما يجسد اليد الممدودة للحوار المسؤول، ‏ويُرسخ الثقة كقيمة تؤسس لآفاق أرحب للتلاقي بين الدولة والمجتمع.

جاء ذلك في مقال منشور بجريدة هسبريس الإلكترونية.

واعتبر حسن طارق  أن  المؤسسات الوطنية في خريطة التطور المؤسسي المغربي، وخاصة انطلاقا من بدايات التسعينات –أخذت ‏سلطة الاستشارة بعدا أكثر فعالية وتأثيرا، سواء في اتجاه صناعة السياسات أو في اتجاه تدبير الحوار العمومي – مع تجربتي ‏المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للشباب والمستقبل، لحظة مفصلية في مواكبة تطلعات مجتمع مدني ‏ناهض كان قد بدأ يجد التعبيرات المُناسبة ليرسخ حضوره خارج ثنائية الدولة والمُجتمع السياسي.‏

وأضاف حسن طارق بالقول: “وإذا كان المجتمع المدني الناشئ حينها قد بدا محمولا فوق أجيال شابة بمطالب وأفكار جديدة وبصيغ عمل وأشكال للتعبئة ‏مُبتكرة، فإن المؤسسات الوطنية في لحظة انبعاثها الثانية بعد مسار طويل من الهشاشة والتردد – امتد من بداية الاستقلال إلى ‏نهاية الثمانينات – قد شكلت عمليا أحد التحولات الكبرى للأداء المؤسسي للدولة، التي سمحت بحالة من إعادة التكيف ‏الوظيفي الذي مكن من اختراع مساحات جديدة من التفاعل بين الدولة والمجتمع خارج الدورة التقليدية لاستقبال ومُعالجة ‏الطلب الاجتماعي”.‏

ولفت أنه في “في الواقع، فإن ما يجمع بين سياقات نشأة كل من المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني في التاريخ الراهن للمغرب السياسي ‏ليس مجرد تزامن فاقد للدلالة، بل هو في العمق انسجام بين ديناميتي تطور المجتمع من جهة والدولة من جهة أخرى. لقد ‏أفضى ذلك إلى استثمار الذكاء الجماعي في بلورة فضاءات مُشتركة للحوار والتقاسم والإدماج والمشاركة والانفتاح، تسمح ‏داخل سقف المشترك الوطني وبعيدا عن إكراهات الزمن الانتخابي بتقاطع حُجج التدبير العمومي مع الخبرة الجامعية ‏والمطالب المدنية”.‏

واستدرك بالقول: “إذا كان المجتمع المدني هو القاعدة الاجتماعية للديمقراطية التشاركية، من زاوية الطلب الجمعوي والمواطناتي على المشاركة، ‏والتأثير في السياسات والدفاع عن حاجة المجتمع للتنظيم، وهيكلة تطلعاته، ومنحها صوتا مسموعا داخل الفضاء العمومي، ‏فإن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وضمنها هيئات الوساطة، تمثل تعبيرا مؤسسيا لهذه الديمقراطية التشاركية وتجسيد لهذا ‏الطلب على المُشاركة والتأثير في القرار العمومي”.‏

وأبرز حسن طارق أن المجتمع المدني من حيث الهوية والاهتمامات والطبيعة العضوية، هو الأقرب للمؤسسات الوطنية باعتبارها ابتكارا في ‏دينامية تحولات هندسة الدولة الوطنية، يسمح في العمق بتأمين أشكال جديدة للتفاعل مع المجتمع، خارج ما تضمنه تقليديا ‏القنوات الانتخابية والسياسية، أو الآليات الإدارية والتنظيمية، منفتحة بذلك على صيغ للمشاركة المواطنة خارج دورات ولاية ‏التمثيل النيابي أو مساطر التأطير الإداري المباشر.‏

وأوضح أن  المجتمع المدني  يصبح بمثابة امتداد عضوي ووظيفي للوساطة ‏المؤسساتية.

وذكر أن  تجربة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تمثل على مستوى العضوية المركزية بالمجلس أو عضوية اللجان ‏المحلية، حالة لمأسسة انفتاح منظم لهيئات الحكامة على فعاليات المجتمع المدني.‏

واعتبر حسن طارق أن  المؤسسات الوطنية  استندت في تأطير مواردها البشرية (‏le personnel administratif‎‏) وقيادة برامج ‏عملها إلى العديد من الأطر التي تلقت تكوينها في مدرسة المجتمع المدني، بعد أن استأنست بمهارات الفعل الجمعوي في ‏التواصل، والترافع، والتأطير، والتكوين، وبعد أن تشبعت – أساسا – بقيم الالتزام من أجل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان ‏والتنمية.‏

وذكر حسن طارق أن الانخراط المغربي رسميا ومدنيا في تمرين أممي مثل آلية الاستعراض الدوري الشامل على ‏مستوى مجلس حقوق الإنسان، أو في العديد من الواجهات الدولية الأخرى، قد سمح بدوره بالكثير من التقارب بين المجتمع ‏المدني والمؤسسات الوطنية الحقوقية، وعلى مستوى إنتاج المقاربات والخطاب وبلورة اللغة والمرجعيات المعيارية ‏والمنهجية.‏

واعتبر حسن طارق أن  إمكانات المعنى ‏العميق للديمقراطية تتأسس كتعاقد دائم على تجديد العلاقة بين الدولة ومجتمعها، حيث تُصبح التقاطعات بين الاجتهاد المدني، والانفتاح ‏المؤسسي، إسهاما لافتاً في كتابة سيرة ذكاء جماعي تنيرها قيم الحق والإنصاف والمسؤولية.‏

ضمن هذا الأفق، سيظل انفتاح مؤسسة وسيط المملكة على المجتمع المدني خيارا أصيلا، يجسد اليد الممدودة للحوار المسؤول، ‏ويرسخ الثقة كقيمة تؤسس لآفاق أرحب للتلاقي بين الدولة والمجتمع، يضيف حسن طارق.

المجتمع المدني،حسن طارق وسيط المملكة المغربية،
Comments (0)
Add Comment