أخنوش يصدم المغاربة بإجراءات قانون المالية
فرض ضرائب جديدة ورفع ميزانية قطاعات حزبه
منذ إفراج حكومة عزيز أخنوش عن مشروع قانون مالية 2022، توالت انتقادات بعض مضامينه، لاسيما التي تفرض ضرائبا جديدة، ستُدفع من جيوب المغاربة، لتمويل برامج حكومية.
إجراءات مخيّبة للآمال
بينما كان المواطنون يعقدون عليه آمالا كبيرة، جاء مشروع قانون المالية الجديد مخيبا لظنهم. وتفاجؤوا بإجراءات ترفع ضرائب بعض السلع والخدمات، خصوصا المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة، إضافة إلى إعادة اعتماد المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح بالنسبة إلى الشركات، مما يمكن أن يشكلا مصدرا كبيرا للانتقادات ضد حكومة أخنوش، التي تتلمس أولى الخطوات في تدبير الشأن العام.
إلى جانب ذلك، شهد مشروع قانون ميزانية 2020، مستجدات أخرى مقارنة مع قانون ميزانية سنة 2021، همّت ارتفاع ميزانيات وزارات وصناديق تابعة لها، إضافة إلى ارتفاع موارد مؤسسات تحظى بالاستقلالية من ناحية التسيير، مقابل تخفيض ميزانيات قطاعات أخرى، ما يعكس توجهات الحكومة الحالية.
وتذهب التقديرات إلى أن الإجراءات التي جاء بها مشروع مالية 2022، سترفع حجم الضرائب المباشرة بنسبة 21.2 في المائة، وحجم الضرائب غير المباشرة بنسبة 10.7 في المائة، وستعرف الضريبة على الدخل زيادة بنسبة 8.5 في المائة. أما الضريبة على القيمة المضافة، فيتوقع أن ترتفع بحوالي 3.5 في المائة بالنسبة إلى شقها الداخلي، وبنسبة 19 في المائة فيما يتعلق بالواردات.
ضريبة على السجائر مرة أخرى
بعدما لجأت حكومتا بنكيران والعثماني إلى الزيادة في الضرائب على السجائر، باشرت حكومة أخنوش عملها بفرض مزيد من الضرائب على السجائر، ما سيرفع ثمنها من جديد. ذلك أن الضريبة الداخلية على الاستهلاك المطبقة على السجائر ستعرف ارتفاعا. ويتوقع أن ينتقل المبلغ الأدنى للتحصيل من 782.1 درهما لكل ألف سيجارة ابتداء من فاتح يناير 2023 إلى 953 درهما لكل ألف سيجارة ابتداء من يناير 2026.
إضافة إلى ذلك جاء مشروع قانون المالية بزيادة أخرى في الضرائب، تهم الرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك المفروضة على سوائل تعبئة أو إعادة تعبئة السجائر الإلكترونية والأجهزة المماثلة لها. ويتوقع أن يتراوح المقدار بين 5 دراهم على السوائل التي لا تحتوي على نيكوتين، و10 دراهم على السوائل المحتوية على النيكوتين.
ضرائب جديدة على تجهيزات واسعة الاستهلاك
تعد الضرائب التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2022، من أكثر ما استأثر بالاهتمام، خصوصا أنها همّت منتجات واسعة الاستهلاك وسط المغاربة. فمشروع قانون مالية 2022، جاء بضريبة داخلية على الاستهلاك، تهم الآلات والأجهزة التي تشتغل بالكهرباء، كالثلاجات والمجمدات ومكيفات الهواء وآلات غسل وتجفيف الألبسة وغسل الأواني والمصابيح المضيئة بتوهج الشعيرات.
وأشار مشروع قانون المالية الجديد، إلى أن تطبيق هذه الضريبة سيتم وفق المنتجات، إذ ستفرض 100 درهم للوحدة بالنسبة إلى فئتي الطاقة B وC، و200 درهم للوحدة بالنسبة لفئتي الطاقة D وE، و500 درهم للوحدة لفئتي F وG، أما اللمبات والمصابيح والأنابيب التي تضيء بتوهج الشعيرات المعدة لتوتر يزيد عن 28 فولت، فستخضع لضريبة درهم واحد للوحدة.
كما سيتم وفق مشروع القانون ذاته، فرض ضرائب داخلية على الاستهلاك، ستطبق على الآلات الالكترونية والبطاريات المخصصة للمركبات. وهي الضريبة التي ستهم مجموعة من المنتجات الشائعة الاستعمال وسط المغاربة، وعلى رأسها التلفاز والحواسيب والهواتف وغيرها.
وسيخضع، وفق للضريبة الأخيرة المشار إليها، جهاز التلفاز لضريبة في حدود 100 درهم للوحدة، و150 درهما للحواسيب المحمولة، والحواسيب المكتبية بشاشة 200 درهم، و150 درهما على الحواسيب بدون شاشة، و50 درهم لشاشات الحواسيب، و200 درهم للألواح الإلكترونية، و50 درهما للهواتف المحمولة، و50 درهما للبطاريات المخصصة للمركبات.
ضريبة جديدة تنتظر الشركات
إضافة إلى الضرائب المذكورة، جاء مشروع قانون المالية لسنة 2022 بإعادة اعتماد المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح بالنسبة للشركات برسم سنة 2022، إذ ينتظر أن تطبق هذه المساهمة على الشركات الخاضعة للضريبة التي يساوي أو يفوق مبلغ ربحها الصافي مليون درهم، باستثناء الشركات المعفاة من الضريبة على الشركات بصفة عامة، والشركات التي تزاول أنشطتها داخل مناطق التسريع الصناعي وشركات الخدمات التي تستفيد من نظام القطب المالي للدار البيضاء.
وبحسب مشروع قانون المالية، فإن المساهمة ستحتسب بحوالي 2 في المائة بالنسبة إلى الشركات التي يتراوح ربحها ما بين 1 مليون و5 ملايين درهم، و3 في المائة بالنسبة إلى الشركات التي يقع ربحها الصافي في فئة 5.000.001 إلى 40.000.000 درهم. وستصل هذه النسبة إلى 5 في المائة بالنسبة إلى الشركات التي يفوق ربحها 40 مليون درهم.
الدفاع والداخلية يهيمنان
بينما ارتفع عدد المناصب المالية المحدثة برسم مشروع قانون ميزانية سنة 2022، من 21 ألف و256 منصب سنة 2021، إلى 26 ألف و860 منصب، شهد توزيع هذه المناصب بعض الاختلافات عن السنة الماضية. فقد حضرت إدارة الدفاع الوطني كأولوية كبرى خلال السنة الجارية، وانتقلت من الرتبة الثالثة بـ 4200 منصب مالي سنة 2021 إلى الرتبة الأولى بـ 10 آلاف و800 منصب هذه السنة.
وتراجعت وزارة الداخلية من الرتبة الأولى بـ 8554 منصب سنة 2021 إلى الرتبة الثانية بـ 6544 منصب في ميزانية 2022، مقابل احتفاظ وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بعدد المناصب المخصصة لها بـ 5500 منصب مالي برسم سنة 2022.
وعرفت وزارات ارتفاعا في عدد المناصب المخصصة لها، منها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، التي انتقلت من 70 منصب مالي إلى 190 منصب هذه السنة، ووزارة العدل التي انتقل العدد المخصص لها من 146 إلى 250 منصب، كما سيُحدث بموجب مشروع ميزانية 2022، لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج 100 منصب مالي، بعد أن غابت هذه الوزارة في المناصب المحدثة في قانون المالية السابق.
موارد المرافق المستقلة تتراجع
عكَس إعداد مشروع ميزانية سنة 2022 توجها حكوميا للرفع من ميزانية عدد من مرافق الدولة المسيَرة بصفة مستقلة، مقابل تخفيض مجموع هذه الموارد. فالمقارنة بين قانون مالية 2021 ومشروع ميزانية 2022، تفضي إلى تسجيل تراجع في مجموع موارد الاستغلال بالنسبة إلى مرافق الدولة المسيرة بصفة مستقلة، والتابعة لمختلف الوزارات والقطاعات، من مليار و912 مليون و620 ألف درهم بموجب ميزانية 2021، إلى مليار و906 مليون و405 ألف درهم بموجب مشروع ميزانية سنة 2022.
مقابل التراجع العام على مستوى الموارد، عرفت الموارد المخصصة لتسيير بعض المرافق ارتفاعا مهما، على رأسها موارد المرافق التابعة لوزارة الفلاحة، التي انتقلت من 82 مليون و480 ألف درهم، إلى ما يناهز 83 مليون و245 ألف درهم في مشروع مالية 2022.
وارتفعت موارد وزارة الاقتصاد والمالية لتبلغ 100 مليون درهم بدل 95 مليون من قبل، وتم توجيه الفارق بين الميزانيتين لصالح إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة التي زادت مواردها بـ 5 ملايين درهم.
وعلى صعيد آخر، تراجعت الموارد المخصصة للمرافق التابعة لوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، من 14 مليون و351 ألف درهم خلال ميزانية 2021 إلى 13 مليون و354 ألف في مشروع ميزانية 2022. كما تراجعت الموارد المخصصة للمرافق التابعة لإدارة التراب الوطني من 372 مليون و155 ألف درهم السنة الماضية، إلى 362 مليون و474 ألف درهم في مشروع ميزانية سنة 2022.
وحصلت المرافق التابعة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل في مشروع ميزانية 2022 على موارد بلغت 33 مليون و640 ألف درهم، ويفسر التراجع الكبير في قيمة الموارد المخصصة لها، إلغاء قطاع الشباب منها، والذي أصبح تابعا لوزارة التعليم الأولي.
مندوبية التخطيط.. بداية الإصلاح
بينما كانت الإشارة الملكية، خلال خطاب افتتاح الدورة التشريعية الحالية لافتة، بضرورة إصلاح المندوبية السامية للتخطيط، بعث مشروع ميزانية سنة 2022 رسائل مهمة، بتسجيل ارتفاع ملحوظ في موارد المرافق التابعة للمندوبية، التي انتقلت من 17 مليون و127 ألف درهم سنة 2021 إلى 18 مليون و564 ألف درهم سنة 2022.
وبدورها عرفت موارد الاستثمار الخاصة، بالمرافق التابعة للمندوبية السامية للتخطيط ارتفاعا واضحا في مشروع ميزانية سنة 2022 مقارنة بالسنة الماضية، إذ انتقلت من 6 ملايين و292 ألف درهم إلى 8 ملايين و642 ألف درهم.
وبينما احتفظ المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بنفس موارد الاستثمار، ازدادت موارد المركز الوطني للتوثيق بمليون درهم، وانتقلت موارد الاستثمار لمدرسة علوم المعلومات من مليون و350 ألف درهم إلى 2 مليون و700 ألف درهم.
ومن الواضح أن الرفع من موارد بعض المرافق التابعة للمندوبية، يدخل في سياق تقوية أدوراها، ما يمكن أن يندرج ضمن الخطوات الأولى للإصلاح المراد تنزيله، لاسيما أنها لعبت أدوارا مهمة خلال السنوات السابقة، ما جعلها في مواجهة مع حكومتي العدالة والتنمية السابقتين.
رفع ميزانية الصناديق السوداء
شهدت مجموعة من الحسابات الخصوصية للخزينة المعروفة بـ “الصناديق السوداء” ارتفاعا مهما في حصصها بموجب مشروع ميزانية سنة 2022، في مقابل استقرار حصة العديد من الصناديق الأخرى، مقارنة بقانون ميزانية سنة 2021.
وعلى رأس هذه الحسابات، عرف صندوق النهوض بتشغيل الشباب ارتفاعا مهما في حصته من 700 مليون درهم إلى 875 مليون و800 ألف درهم، وارتفعت حصة الجماعات الترابية من حصيلة الضريبة على القيمة المضافة، إذ انتقلت من 28 مليار و504 مليون و269 ألف إلى 31 مليار و905 مليون و349 ألف درهم مع مشروع ميزانية 2022.
وارتفعت حصة صندوق التطهير السائل وتصفية المياه المستعملة وإعادة استعمالها من 844 مليون درهم إلى مليار درهم في مشروع ميزانية سنة 2022، وكذلك الأمر بالنسبة إلى صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، الذي انتقلت حصته من 300 مليون درهم إلى 350 مليون درهم، ثم حصة الحساب الخاص باستبدال أملاك الدولة التي ارتفعت من مليار و520 مليون درهم إلى 2 مليار و230 مليون درهم.
صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، انتقل هو الآخر من 9 مليار و500 مليون درهم إلى 10 ملايير درهم بموجب مشروع ميزانية 2022، بينما تراجعت حصة الحساب الخاص بمنح دول مجلس التعاون الخليجي من مليار و800 مليون درهم إلى 700 مليون درهم فقط. وانتقلت حصة صندوق محاربة الغش الجمركي من 650 مليون درهم إلى 750 مليون درهم.
وإجمالا انتقل مجموع موارد الحسابات التي جرى رصدها لـ “الصناديق السوداء” من 83 مليار و328 مليون و696 ألف درهم، إلى 87 مليار و166 مليون و576 ألف.