شهرةُ الكُتّاب والشذوذ!
عدد كبير من المفكرين والكتاب الأوروبيين كانوا ولا يزالون شاذين جنسيا؛ ولكنك لا تقرأ لهم شيئا عن شذوذهم ولا يجعلون حياتهم المرضية الخاصة محورا يدورون حوله.
كان جان بول سارتر شاذا؛ وقد كتب الكثير في الرواية والقصة والمسرح والفلسفة؛ ولكنك لن تجد لديه سطرا واحدا يتحدث فيه عن شذوذه. وكان الروائي الياباني يوكيو ميشيما شاذا؛ وقد ألف الكثير من الروايات وانتحر على طريقة الهاراكيري؛ ولكنه لم يقل شيئا عن شذوذه. وقد عاش ميشيل فوكو شاذا؛ لكنه لم يكتب شيئا عن شذوذه.
هؤلاء وغيرهم من الأوروبيين كانوا يعتبرون شذوذهم شأنا خاصا؛ فلم يكونوا يتاجرون به؛ ولم يجعلوه وسيلة إلى نيل الشهرة في المجال العام؛ لأنهم كانوا يرون أن الشهرة تأتي من الإنجاز والإنتاج؛ وبسبب ذلك كانوا يحظون بالاحترام في محيطهم لأنهم “يستترون”.
وحدهم العرب يتاجرون بأي شيئ؛ ويجعلون أعطابهم النفسية والخلقية وسيلة إلى نيل الشهرة؛ ويمكنهم أن يدوسوا على آبائهم وأمهاتهم ويفضحوهم من أجل الشهرة. والسبب أن هذا النوع يكون من ضعاف الموهبة العاجزين عن تحقيق أنفسهم بعيدا عن تشوهاتهم النفسية والخلقية.
لا يمكنك أن تجد واحدا من هؤلاء الذين يتبجحون بشذوذهم ويكتبون عنه “روايات” لديه موهبة أدبية حقيقية؛ وأنا أتحدى هؤلاء مجتمعين. إنهم من الذين خانتهم الموهبة فصاروا يعولون على تشوهاتهم الخلقية والنفسية لإنقاذهم وخلق الاهتمام بهم. بل إن كتابات هؤلاء لو عرضت على أستاذ مادة الإنشاء لما حصلت على أكثر من أربع نقاط على عشرين؛ بسبب الأخطاء اللغوية والتعبيرية وفقر الخيال وضعف الرصيد اللغوي. ومع ذلك يجد هؤلاء لهم سوقا بين الغوغاء الذين يصارعون لكي يجعلوا لهم مكانا بينهم؛ هؤلاء يتاجرون باسم الحرية؛ وأولئك يتاجرون باسم الشذوذ.