الاعتقال الاحتياطي يلتهم 100 مليار سنتيم سنويا
بينما يتزايد النقاش حول آثار الاعتقال الاحتياطي وضرورة التفكير في العقوبات البديلة، كشف محمد أحدف، أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس مستشار لدى هيئات دولية، أن خمسين ألف معتقل احتياطيا في سجون المغرب، يكلفون الدولة بـ 100 مليار سنتيم سنويا.
ولفت محمد أحدف، في تصريح صحافي، إلى أن النتيجة التي توصل إليها في إطار عمله مع هيئة الأمم المتحدة، بنيت على أساس أن كل سجين يكلف الدولة ثمانين درهما في اليوم، مقدرا أن تكون التكلفة أكبر.
وأفاد المستشار نفسه، أن الجريمة تكبّد المغربَ خسائر مالية هائلة تصل ملياريْ دولار سنويا، ما يعادل نقطتين من الناتج الداخلي الخام، استنادا إلى وثائق الأمم المتحدة ذات الصلة بالموضوع، مشيرا إلى أن المغرب لا يتوفر على معطيات خاصة به بهذا الخصوص.
وتساءل أحدف عن الكلفة المالية التي سيتم إهدارها من أجل إقناع الطبقة السياسية بالمغرب بـأن علاج هذا المشكل ترفا بل ضرورة.
وأشار محمد أحدف إلى أن المغرب مطالب بصياغة نموذجه الخاص لمعالجة هذه الإشكالية، على اعتبار أن لكل بلد وضعيته الخاصة، دون أن يعني ذلك القطيعة مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، وذلك للعمل على تفادي مزيد من الخسائر المالية.
وأشار أحدف إلى أن النخبة السياسية تعتبر أن الاستثمار في محاربة الجريمة مجرد ترف ومضيعة للوق”، مؤكدا على أننا “نحتاج إلى دقة التشخيص للوصول إلى العلاج الذي لا يمكن أن يتحقق في غياب التشخيص العلمي، ونتساءل هل هناك برامج حكومية وقطاعية تنصرف إلى دراسة وتشريح وضعية الجريمة في المغرب؟”، مجيبا لا أعتقد أن الأمور تسير على هذا النحو.
ودعا أحدف إلى ضرورة الاستفادة من تجارب البلدان الأخرى، وعلى رأسها التجربة الأمريكية “النوافذ المهمشة”، التي تذهب إلى بؤر الجريمة لمعالجة أسبابها هناك قبل وقوعها، مؤكدا على ضرورة اعتماد تجربة مماثلة في المغرب.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن العشوائية العمرانية تعد من الأسباب الرئيسية لانتشار الجريمة، مشيرا إلى ضرورة تواجد مساحة خضراء داخل المدن.
وكشف المتحدث بأن دراسات أثبتت أن اللون الأخضر مريح ومهدئ للنفس، مستنتجا أن المناطق الخضراء ليست ترفا، بل ضرورة، والغاية منها ليست فقط إضفاء الجمالية على المدن بل تهذيب النفوس أيضا، وفق أحدف.
وانتقد أحدف تصميم تهيئة المدن، معتبرا أنه يرهن الكيفية التي سيكون عليها العمران لمدة عشرين سنة، مشيرا إلى أنه لا يعقل أن تكون المدينة كتلة من المنازل لستة كيلومترات متواصلة، دون وجود فضاءات ومتنفسات، ما يؤدي إلى كثافة سكانية هائلة، ويصعّب حتى مهمة تحرك الأمن بسلاسة.
وأشار أحدف إلى التجربة الفرنسية انتبهت في ستينات وسبعينات القرن الماضي إلى أن الأحياء التي بُنيت على الطريقة التي توجد عليها أحياء المدن المغربية حاليا تشكل قنابل موقوتة، فهدمتها ووضعت تصميما عمرانيا جديدا.