خبير مغربي يرصد ثغرات مرسوم الصفقات العمومية

أياما بعد صدور مشروع المرسوم الجديد الخاص بالصفقات العمومية، الذي نشرته الأمانة العامة للحكومة، وقف أحمد جزولي، الخبير في الحكامة الديمقراطية والسياسات العمومية، على مجموعة من الثغرات التي طبعت إعداده، مقترحا مجموعة من التعديلات بغرض تجويده.

 وأكد أحمد جزولي، الذي يمتلك خبرة 15 سنة في إعداد الصفقات العمومية وتقديم العروض ورئاسة وعضوية اختيار المشاريع على المستوى الدولي، أن “مشروع مرسوم الصفقات العمومية، كما هو الآن، بقي حبيس التشريعات الجارية ويكرسها دون تجديد كافٍ بالرغم من محاولته تعزيز الشفافية واعتماد مبادئ الحكامة الجيدة”.

واعتبر الخبير، الذي يشغل مهمة المدير التنفيذي لمكتب “طالم” للأبحاث والدراسات، أن مشروع المرسوم فشل في إعمال مبادئ رئيسية متعارف عليها دوليا في مجال الصفقات العمومية، ومن بينها تقديم تعريف دقيق للصفقات العمومية، مشددا على ضرورة التمييز بين طلب عروض في إطار الصفقات العمومية المفتوحة أمام الشركات والجمعيات والتعاونيات والمقاولين الذاتيين، وطلب مشاريع في إطار الدعم المفتوح فقط أمام الجمعيات والتعاونيات.

 واقترح جزولي، ضمن المذكرة الموجهة إلى رئيس الحكومة، إشراك العموم في إعداد طلبات العروض من خلال طلب معلومات من الجمهور من أجل تدقيق طلبات العروض وتجويدها.، موضحا أن “صياغة طلبات العروض حرفة وخبرة تتأتى لأصحابها عبر الممارسة، وتساعدهم الدلائل الإرشادية المؤسساتية لتقديم نصوصهم. لكن هذا لا يقلل من أهمية طلب رأي الجمهور الذي قد يكون بعضه معنيا بالخدمة المرغوب في إنجازها”.

وقال المتحدث نفسه أن إشراك العموم على هذا المستوى يساهم في “إعمال المقاربة التشاركية التي جاء بها الدستور، وأيضا تفعيل الالتزامات الدولية للمغرب في إطار برنامج الحكومة المنفتحة”.

 ووقف الخبير المغربي على أهمية “تحديد المدة المنطقية لإعداد العروض وضمان فعاليتها: مقترحا أن يتم ذلك على مرحلتين، مرحلة أولى يتم فيها تقديم ملخص ومرحلة ثانية لمطالبة الفائزين في المرحلة الأولى بتقديم العرض الكامل الذي يتم بناء عليه التقييم النهائي، وبالتالي تحديد الفائز بالصفقة”

واقترح الخبير ألا تقل مدة إعداد العروض عن 60 يوما بشكل قار وموحد وحازم، مشددا على عدم “ترك الهوامش في القانون للتمديد والتمطيط، لأن هذا هو مرتع الرشوة والزبونية، وكلما كانت المدة كافية لإعداد العروض، كانت جودتها أفضل”.

ودعا جزولي إلى نبذ تكريس الريع بإلغاء شرط التراخيص، مقترحا “تعويضها بالشروط التقنية الخاصة بكل عرض على حدة”، موضحا أن ذلك سيساعد على فتح مجال تنفيذ المشاريع مع الدولة أمام طاقات جديدة، وبالتوالي سيساعد على تنويع العروض والرفع من جودة الخدمة العمومية في النهاية، وهذا من بين الأهداف الجوهرية للصفقات العمومية”.

وأكد جزولي على ضرورة تعزيز شفافية اختيار العرض الفائز، من خلال استبعاد أي تفاوض مباشر تحت أي ذريعة كانت؛ لأن ذلك يتنافى مع مبدأي الشفافية والإنصاف والمنافسة الشريفة الذين أعلن عنهما مشروع المرسوم كمبادئ.

ودافع جزولي، ضمن المذكرة نفسها، على الإلزام بتقديم تقرير لمقدمي العروض غير الفائزة، وأن يكون في شكل جواب تقني يحدد نقط قوة ونقط ضعف كل عرض على حدة، داعيا إلى عدم التخوف من إمكانية استعمال التقارير في الطعن، لأن الطعن مكفول بالقانون العام.

وأعلن الخبير المغربي عدم اتفاقه مع المرسوم في ذهابه إلى عدم السماح للإدارة العمومية بتمويل الأفكار المبتكرة مباشرة إن لم تكن ضمن برامج جارية أو طلبات عروض قادمة، داعيا إلى تشجيع التجديد والابتكار.

واقترح جزولي إلغاء مبلغ الكفالة كلية كشرط لتقديم عرض معين، لأنه بدون معنى، ويزيد من الاقتصاد الخاطئ (la fausse économie) من خلال وضع مبالغ مالية وسحبها دون قيمة مضافة حقيقية في السوق، وفق الخبير.

 وشددت المذكرة على ضرورة تسهيل تمويل تنفيذ الصفقات والإلزام بجدول للأداء من خلال إقرار أداء نسبة من التكلفة الإجمالية لصاحب العرض الفائز لا تقل عن 10 في المائة عند التوقيع، لتمكينه من العمل بالتمويل المخصص للصفقة، عوض جعله يصرف على الحكومة من موارده الذاتية.

وأكد الخبير المغربي على إشراك المواطنين والمواطنات في متابعة تقدم التنفيذ وتقييم خدمة ما بعد التنفيذ، داعيا إلى “إحداث موقع الكتروني خاص بالصفقات العمومية قيد التنفيذ لتسهيل المتابعة والتقييم، ويكون مستقلا عن الموقع الالكتروني الخاص بالإعلان عن الصفقات العمومية، لأن الوظيفتين مختلفتين”.

وانتهى أحمد جزولي إلى أن التشريع في وطننا في مجال الصفقات العمومية قاصر على تحقيق الجودة في الخدمة والشفافية في اختيار العروض الفائزة، مؤكدا على أن النقاش العمومي بمناسبة إعداد مرسوم الصفقات العمومية بمثل فرصة مهمة لتعزيز فعالية السياسات العمومية من أجل إنتاج أثر على الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات كما أوصى بذلك النموذج التنموي الجديد.

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.