هل ينقذ مشروع تحلية البحر المغرب من شح المياه؟
بسبب سنوات الجفاف الستة التي عرفتها البلاد، سارع المغرب الخطى في استنفار غير مسبوق، من أجل بدء مشروع تحلية البحر، رغم تكلفته الباهضة، لأن إشكالية الماء أضحت أحد التحديات المؤرقة التي تصر المملكة على إيجاد حلول لها، في وقت دق الملك محمد السادس في آخر خطاب له بمناسبة عيد العرش، ناقوس الخطر، حول الماء، حاثا الحكومة على المضي قدما في مشاريع تحلية البحر.
ويأتي هذا الطلب المتزايد على تحلية مياه البحر، بالنظر إلى ارتفاع حدة ظاهرة الجفاف، التي خلفت نقصا مهولا في الموارد المائية، ونتجت عنه مُضاعفات بيئية واقتصادية سلبية، إلى أن وصلت إلى مستوى صعب، دفع السلطات إلى التدخل بالجدية اللازمة.
وعليه، سارعت السلطات الخطى من أجل مواجهة تداعيات الجفاف، عبر تبني استراتيجية متكاملة، تتوخى التخفيف من آثار نقص المياه وحدتها.
في نفس الصدد، اهتم المغرب بتسريع إنجاز برنامج السدود الكبرى والصغرى في إطار “البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي” لرفع الطاقة التخزينية إلى 24 مليار متر مكعب في أفق سنة 2030.
وغير بعيد عن تحلية البحر، اعتمدت الحكومة تدابير عاجلة، من بينها برامج استغلال المياه العادمة، في ري المساحات الخضراء، وتحسين مردودية شبكات التوزيع.
ولأن البحر ومياهه المالحة، صارت مصدرا مهما ومغريا في آن، من أجل تفادي النقص الحاصل في الماء الشروب، سرع المغرب من وتيرة إنجاز محطات تحلية مياه البحر، في مدن ساحلية، كالدار البيضاء، وآسفي، والناظور.
ومن محطات التحلية الموجودة، هناك محطة الدار البيضاء التي تبلغ سعتها 300 مليون متر مكعب في السنة، 270 مليونا منها مياه صالحة للشرب، و30 مليونا للسقي، وسيبدأ العمل فيها في عام 2026.
كما انصب اهتمام المغرب على توسيع محطة أكادير بسعة 45,6 ملايين متر مكعب في السنة، 18,3 ملايين منها ستخصص للماء الشروب، و27 مليونا للسقي، في أفق 2026
كما توجد مشاريع أخرى في طور الإنجاز في كل مدن الداخلة، وآسفي، وسيدي إفني، وتزنيت، وكلميم، والصويرة، والجهة الشرقية للمملكة.
وفي 10 يونيو الماضي، دشن الملك محمد السادس بالجديدة، أكبر محطة لتحلية مياه البحر، في القارة الإفريقية، بتكلفة إجمالية تناهز 1100 مليار سنتيم.
وسبق للمغرب أن أنشأ عام 1976، أول محطة لتحلية مياه البحر في مدينة طرفاية، بطاقة إنتاجية بلغت 70 مترا مكعبا يوميا، أتبعها بمحطات في مدن أخرى بينها بوجدور وأكادير.
ويعتبر مشروع تحلية البحر، مشروع ناجح بامتياز، بالنظر لامتلاك المغرب واجهتين بحريتين، بإجمالي 3,500 كيلومتر من الشواطئ، ثلثها على البحر الأبيض المتوسط، والبقية على المحيط الأطلسي. ويتوفر المغرب على تسع محطات لتحلية مياه البحر تنتج 147 مليون مكعب في السنة.
وما شجع المغرب، على الإسراع من الاستفادة من محطات التحلية، ما قاله البنك الدولي، في 27 أبريل 2023، بأن المغرب من البلدان التي تعاني من شح المياه حديثا.
وعليه، خصص المغرب ميزانية تصل إلى 150 مليار درهم، لمشاريع تحلية البحر، لأن كلفة هذه المشاريع باهضة، وتتطلب مستلزمات كثيرة.
وما ساعد في تخفيض الكلفة الباهظة لهذه المشاريع، تمكن المغرب خلال السنوات الماضية في خفض كلفة تحلية مياه البحر من 50 درهماً (5 دولارات)، إلى 10 دراهم فقط (0.91 دولاراً) للمتر المكعب.
ويطمح المغرب توفير نحو 1.3 مليارات متر مكعب من الماء الشروب والمياه المخصصة للزراعة في أفق 2030.
وخصص المغرب أيضاً مبلغ 2.3 مليارات دولار، كميزانية لتحقيق ذلك مستعيناً بعدد من المحطات التي تم إنشاؤها في البلاد.
ولأن الوضع مقلق جدا، خصص الملك محمد السادس، جزءا كبيرا من خطابه في عيد العرش الأخير، لإشكالية الماء؛ إذ دعا إلى تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر حسب البرنامج المحدد له، والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا.