جمعية تستنكر تهجير السكان بحي المحيط بالرباط
استنكر المكتب المركزي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عملية تهجير سكان حي المحيط بالرباط.
بهذا الخصوص، قال المكتب “لن يكون التهجير القسري المقنع “قدراً محتوماً، ولن نقبل بأن يُفرض الظلم كأمر واقع”٠
وعبرت العصبة عن غضبها من العملية التي طالت حي المحيط ، حيث إنها قالت إنه يشهد واحدة من أكثر عمليات التفريغ القسري تمويهاً، عبر أساليب غير قانونية، تستغل من خلالها السلطات نفوذها لإجبار المواطنين على التخلي عن منازلهم تحت غطاء “البيع الطوعي”.
واعتبر المكتب النقابي أن ما يقع اليوم بالحي سالف الذكر نموذجا فجّا لأسلوب جديد في نزع الملكية دون احترام الضوابط القانونية، حيث تتدخل السلطات العمومية، ممثلة في ولاية الرباط-سلا-القنيطرة، وفق شهادات، لتحديد الأسعار، والتفاوض مع السكان، وممارسة الضغوط عليهم بمختلف الأشكال، حتى يجدوا أنفسهم أمام خيار وحيد إما القبول بمغادرة منازلهم دون أي إمكانية حقيقية للاعتراض أو المقاومة.
وأبرز المكتب بالقول “إننا أمام تهجير قسري مقنّع، يُراد له أن يبدو وكأنه اختيار شخصي للسكان، في حين أن الواقع يعكس بوضوح ضغوطاً ممنهجة تمارسها السلطات، في تجاوز صارخ للقانون ولحقوق الملكية المكفولة دستورياً ودولياً”.
واعتبر أن مثل هذه العمليات تشكّل انتهاكاً صريحاً للحق في السكن، المنصوص عليه في العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وتتنافى مع الالتزامات الدستورية للدولة في حماية المواطنين، مؤكدة أن ما يجري اليوم في حي المحيط ليس حدثاً معزولاً، بل هو استمرار لنهج طويل بدأ مباشرة بعد جائحة كورونا.
وأكدت أن ما يحدث بالحي سالف الذكر سبق وأن شاهدتها أقاليم وعمالات الصخيرات، تمارة، سلا، القنيطرة، والرباط، واستهدفت أيضاً سكان قبيلة كيش الأوداية، الذين تم تفريغهم من أراضيهم ومنازلهم بطرق مشابهة، تحت ذرائع مختلفة، دون أن يحصلوا إلى اليوم على تعويض عادل أو إنصاف حقيقي، ما نتج عنه تشريد عائلات بأكملها، ودفعت بها الحاجة إلى الهامش، فيما بقيت حقوقها معلّقة بين وعود رسمية لم تتحقق وإجراءات لم تحترم الحد الأدنى من مبادئ العدالة.
وعبرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن رفضها المطلق لكل أشكال “التهجير القسري”، مهما كانت المسوغات التي تحاول السلطات تقديمها لتبرير هذه الممارسات، والتي لا تعدو، بحسبها، أن تكون غطاءً لاستغلال الأراضي من طرف فاعلين اقتصاديين على حساب الفئات المتوسطة والفقيرة، محملة السلطات العمومية، ممثلة في ولاية الجهة، المسؤولية الكاملة عن أي “انتهاكات” لحقوق السكان في حي المحيط.
وطالبت العصبة بالكف فوراً عن أساليب الضغط غير القانونية التي تمارسها لدفع المواطنين إلى “البيع بالإكراه”، داعية القضاء المغربي إلى تحمل مسؤوليته في حماية حقوق السكان، وذلك من خلال فتح تحقيق في مدى قانونية هذه الإجراءات ومدى احترامها لحق الأفراد في الملكية والسكن، وإلزام السلطات المختصة بوقف أي عمليات تفريغ قسري دون احترام المساطر القانونية الضامنة لحقوق المتضررين.
وشددت على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية شفافة، تضمن استشارة الساكنة وإشراكهم في أي مخططات إعادة هيكلة أو مشاريع عقارية تمسّ مساكنهم، مع الالتزام بتوفير حلول واقعية وعادلة قبل تنفيذ أي قرارات إفراغ جديدة، مجددة التأكيد على أن أي مشروع “تحديثي” أو “تنموي” لا يمكن أن يتم على حساب الفئات الهشة، ولا يمكن أن يُبنى على أنقاض بيوت البسطاء، في خرق سافر لمبادئ العدالة الاجتماعية.
وناشدت المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والبرلمان… أن تتحمل المسؤولية وتتدخل من أجل ضمان احترام حقوق السكان وحمايتهم من أي عملية تهجير غير قانونية. وطالبت بضرورة التعجيل بتعويض وإنصاف الأسر التي تم تهجيرها قسراً من أراضيها ودورها، سواء من سكان قبيلة كيش الأوداية أو من قاطني دور الصفيح، أو المساكن غير المهيكلة الذين هُدمت منازلهم دون توفير بدائل مناسبة، وذلك وفق مقاربة حقوقية تضمن لهم السكن اللائق والتعويض العادل بما يتناسب مع قيمة ممتلكاتهم ومكانتهم الاجتماعية.
وأكدت العصبة على مواصلتها الدفاع عن حقوقهم بكافة الوسائل القانونية المتاحة، وعدم توانيها في فضح كل الانتهاكات التي تستهدف الفئات الهشة وإلباسها غطاء “التنمية”، بينما هي في الواقع مجرد خدمة لمصالح لوبيات العقار.