دعا “نداء الخطوة الحرة” إلى استثمار مكتسبات التكنولوجيا الرقمية من أجل تحقيق معادلة الأمن والتنمية والسلام.
ويأتي هذا النداء الذي أطلقه كل من سعيد ناشيد ووفاء مليح، لأن ” الحضارة الإنسانية تعيش اليوم منعطفا تاريخيا فارقا، يضعها أمام مفترق طرق مفصلي، وأمام أسئلة شائكة حول تداعيات كل من الرقمنة الشاملة والذكاء الاصطناعي، على هوية الإنسان، وتماسك المجتمعات، ومصائر النوع البشري”، لكون ” التكنولوجية فائقة التطور، تحمل كثيرا من الآمال للتنمية والسلام، فإنها تحمل في المقابل مخاطر التدهور الحضاري وتفشي بعض أشكال الهمجية والتوحش”.
وفي ظل هذه الوضعية، دعا “نداء الخطوة الحرة” الذي اطلعت عليه، صحيفة “أمزان24″، مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الثقافي، إلى رعاية الحقل الثقافي في أبعاده الفكرية والأدبية والعلمية بكل الجدية المطلوبة، وفق رؤية استراتيجية واسعة المدى وطويلة الأمد، وذلك بمعزل عن الحسابات السياسوية الضيقة التي ترعى “مشاهير نسب المشاهدة العابرة.”!
كما حث على العمل على الإصلاح التربوي على أساس إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي وفق مناهج تركز على تنمية الذكاء التركيبي، الذكاء العاطفي، وملكة الخيال.
ودعا أيضا إلى العمل على الإصلاح اللغوي على أساس تبسيط واختزال قواعد اللغة العربية، وبما يتماشى مع حاجيات الانتقال الرقمي.
وطالب بفتح وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية على النقاش الثقافي والفكري بإخراج فني وتواصلي يشدّ الجمهور ويوجه النقاش العمومي، تماما مثلما تفعل بعض الفضائيات الرائدة باحترافية، وذلك بعيدا كل البعد عن أكذوبة “هذا ما يحبه الجمهور”!
ولفت “النداء” إلى ضرورة إعادة النظر في فلسفة وسياسة الجوائز الفكرية والأدبية، والتي على شحها وضحالتها، فإنها لا تخدم الإنتاج الثقافي كما ينبغي أو كما يُفترض.
في ذات السياق، طالب بمنح كل قطاع من قطاعات الوظيفة العمومية نسبة محددة لغاية التفرغ للعمل الثقافي، أسوة بالتفرغ النقابي والسياسي والجمعوي، وذلك وفق معايير ولوائح يتم تحديدها ومن ثم تحيينها كل عام، بناء على الإنتاجية والمردودية كذلك.
ونادى بضرورة مراجعة معايير وطرائق تقييم عمل مراكز الدراسات، بنحو يحفزها على إنتاج الأفكار الجديدة، واقتراح المبادرات غير التقليدية، مع إشراف أكاديميين عريقين ومتعددي التكوين على مساطر التقييم والمحاسبة، على اعتبار أن الإنتاج اللامادي له معاييره الخاصة.
ودعا إلى إعطاء الاعتبار لكل أشكال الإبداع الفكري والأدبي والعلمي والمعرفي والفني، انسجاما مع التحولات العالمية الجارية، وتقديرا للرؤية الملكية المعبر عنها منذ عام 2014 والتي تنص على أهمية” احتساب الرأسمال غير المادي كمكون أساسي”.
وأوضح “النداء” أن “المطلوب هو أن تعمل أبعاد الإنسان كافة وباستمرار، وذلك لئلا تضعف أمام فاعلية التكنولوجيا المتطورة، على أنّ ميدان العمل الأساسي لأجل الحفاظ على ما هو إنساني في الإنسان هو الحقل الثقافي بالذات، باعتباره قوة ناعمة للتنمية والأمن والسلام”.
واعتبر “نداء الخطوة الحرة” أن “الثقافة هي النشاط الذي من خلاله ينحت الإنسان نفسه بنفسه، وهي فرصته للنمو الوجداني والسمو الغرائزي والارتقاء الحضاري، إنها أكسير الكينونة في النهاية. ومن ثم سيكون الاستثمار في مجالات القراءة والكتابة والرسم والنحت والموسيقى والمسرح والسينما، بمثابة استثمار في الإنسان لأجل الإنسان”.