افتتاحية.. أي قوانين لانتخابات 2026؟

في ضوء الخطاب الملكي الأخير، بمناسبة عيد العرش، يظهر جليا أن الإصلاح الشامل والمنهجي للقوانين الانتخابية لم يعد خيارا، بل ضرورة وطنية ملحة إن أراد المغرب أن يتجاوز تجارب انتخابية مضطربة ويكرس مسارا ديمقراطيًا متينا وذا مصداقية.

الدعوة الصريحة إلى إخراج المنظومة القانونية المؤطرة للاستحقاقات التشريعية قبل نهاية سنة 2025، تحمل رسالة واضحة إلى كل الأطراف السياسية والمؤسساتية: لا مكان للتسويف أو التدبير تحت الضغط الزمني، ولا مجال لتكرار أخطاء الماضي التي أثرت سلبا على نجاعة التمثيل السياسي.

تجربة انتخابات 2021 كانت مثالا صارخا على إخفاقات نظام انتخابي كان يحتاج إلى مراجعة جذرية. القرار القاضي باحتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين، وليس على الأصوات الصحيحة، كان سببا مباشرا في تفتيت المشهد السياسي وخلق برلمان غير متوازن لا يعكس بالضرورة إرادة المواطنين.

إلغاء العتبة الانتخابية على المستوى المحلي ودمج تمثيلية الشباب والنساء في لوائح جهوية موحدة أسهما في تعقيد الأمور، وأديا إلى تمثيلية غير فعالة في البرلمان، بعيدة عن نبض الواقع السياسي والاجتماعي.

إعادة النظر في القوانين الانتخابية يجب أن ترافقها مراجعة شاملة لمبادئ اللعبة السياسية. لابد من العودة إلى احتساب القاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة لتعزيز عدالة التمثيل، وإعادة فرض عتبة انتخابية تحفظ التوازن السياسي دون الإضرار بالتعددية، ومنح تمثيلية الشباب مكانتها الحقيقية عبر آليات سياسية فعالة وليس مجرد “كوطا” شكلية.

استعادة ثقة المواطن في العملية الانتخابية تحتاج إلى ضمانات حقيقية تتمثل في شفافية التمويل الانتخابي، ونزاهة الحملة، وحياد الإدارة، وتأطير فاعل للأحزاب.

الإصلاح الانتخابي ليس تعديلا نصيا فحسب، بل هو ورش سياسي استراتيجي يتطلب إرادة وطنية ومسؤولية مشتركة بين الحكومة والأحزاب. على الفاعلين السياسيين تحمل مسؤولياتهم كاملة، بعيدا عن منطق الحصص والمكاسب الآنية، ليجعلوا من انتخابات 2026 محطة فارقة في تاريخ المغرب السياسي.

أي محاولة لإخراج القوانين الانتخابية بطريقة متسرعة أو شكلية ستكون خسارة كبرى للمغرب ونكسة لمسيرته الديمقراطية التي يجب أن تستند إلى قواعد عادلة وواضحة تمكّن المواطن من ممارسة حقه بحرية وثقة، ليختار حكومة “المونديال”.

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.