وزير العدل يتهم المحامين بالتهرب الضريبي

فتحت تصريحات عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، الباب أمام انتقادات واسعة وجهها إليه زملاؤه من أصحاب “الرداء الأسود” الذين اتهموه بتحريض إدارة الضرائب ضدهم، بعد تأكيده أن 95 في المائة من المحامين، لا يصرحون إلا بعشرة آلاف درهم سنويا لإدارة الضرائب.

واعتبر وهبي، خلال تقديم الميزانية الفرعية لوزارته، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أن الرقم مخيف، مؤكدا على ضرورة عقد اجتماعات مع إدارة الضرائب لمعالجة تضريب نشاط المحامين وفق صيغ ملائمة، ما اعتبره محامون “تحريضا لإدارة الضرائب لممارسة التفتيش والقيام بحملة ضد المحامين”.

وخلفت تصريحات وهبي غضبا وسط المحامين، رغم تأكيده على ضرورة إيجاد صيغ ملائمة، متحفظا عن القيام بعمليات تفتيش ضريبية لمكاتب المحامين بالمغرب، لما قد يشكله ذلك من خرق للسر المهني داخل هذه المكاتب.

وقال وهبي خلال الاجتماع نفسه، إنه اقترح أداء المحامين ضريبة بحسب الملفات التي يترافعون عنها، والتي من السهل الوصول إليها رقميا، وأن يتم دفع هذا الواجب مع باقي المصاريف القضائية، على أن يتكفل المحامي باستخلاصها من موكله إن أراد، وذلك خلال 15 إلى 20 سنة الأولى من نشاط المحامي قبل المرور إلى مرحلة إجراء التصريح الضريبي، مؤكدا على صعوبة الوضع المادي للمحامين في السنوات الأولى.

في المقابل، استقبل المحامون خطوة وهبي باستنكار واسع، إذ علق المحامي سعد السهلي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، قائلا “لو عدل وزير العدل عن كلامه لكان عدلا”، معتبرا أن تصريح وزير العدل بعدم أداء المحامين الضريبة يعتبر تحريضا لإدارة الضرائب لممارسة التفتيش والقيام بحملة ضد المحامون”.

وتابع المحامي السهلي أن “السيد وزير العدل مسؤول ليس عن كلامه فقط. ولكن، عما قد يفهم من كلامه أيضا”، مضيفا بأنه “عليه أن يتدارك الأمر مع المدير العام لإدارة الضرائب (قبل أن يفعل الإشارة الخطأ) الذي قد يفهم من تصريحه “أن المحامين لا غطاء لهم بعد الآن في عهده.”

وتابع المحامي السهلي أنه “إذا كنا لا ننتظر حماية وزير العدل كمحامين في شؤوننا الضريبية. لأن القانون الذي وضع للزجر وضع أيضا للحماية. فعلى الأقل، أن لا نتعرض للتحريض من طرفه لتفتيش مكاتبنا”، مطالبا بـ “التشاور مع ممثلي الهيئات المهنية والإستماع لهم وتبادل الحوار وإعطاء الوقت الكافي لإستيعاب هموم المحامون في موضوع الضريبة قبل التحدث عنها والتحريض على التفتيش بقصد أو بدونه”.

ومن جانبه اعتبر عزيز رويبح، المحامي بهيئة الرباط، أن وزير العدل أخطأ عندما تحدث عن تهرب المحامين من أداء الضرائب، مضيفا أن “تصريحه الخارج عن اختصاصه فيه  تحريض  مجاني على الذمة المالية للمحامين في أوضاع تئن ركودا وإفلاسا”.

وتابع المحامي رويبح على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” أن “ما يثير الدهشة انه خاطب المسئولين القضائيين بلغة وحماسة كلها تضامن وحسرة واعدا إياهم بسكن وظيفي لائق ليمارسوا مهامهم الاستعجالية عن قرب في حين خاطب المحامين باستعلاء ومن خلال موضوع مقحم وخارج السياق وفي غير موضعه وتوقيته”.

وتساءل رويبح عن سبب عدم إثارة وزير العدل موضوع مقرات هيئات المحامين في بعض الاستئنافيات التي تليق لكل شيء إلا لنقابات لها تاريخ وبها المئات من المحامين والمحاميات، مضيفا أن وهبي استكثر على زملائه في المحاماة “كلمة طيبة في بداية مشواره ولم يراع أصول الزمالة وقواعد السياسة فوصمنا بالتهرب واللاوطنية”.

وأضاف المتحدث نفسه، أنه “بدل أن يذهب لعمق الإشكالات المطروحة على مستوى عدالتنا في باب معنى الاستقلالية وتوازن السلط وترسيم الحدود الدستورية والقانونية وفق مقومات أسس دولة الحق والقانون في الميدان وليس في الخطابات فحسب، رأى فينا ربما سورا قصيرا فنط عاريا أمامنا ليشوه ويحرض و يستأسد فأخطأ التقدير والكلام “.

ويشار إلى أن وهبي أكد خلال الاجتماع المذكور، على أنه سيعيد النظر في مهنة المحاماة والتوثيق” مؤكدا بأنه سيخلق “نصوصا عقابية صارمة بالنسبة للمحاماة”، وكذا تغيير امتحانات المحامين، على أن يقضي المحامي المتدرب سنة ونصف بالمعهد ثم سنة ونصف أخرى في التدريب الميداني، للرفع من مستوى التكوين لديه.

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.